الشعب..... يريد .... إبقاء النظام!
هشام محمد سعيد قربان
الشعب يريد رحيل الهلام، الشعب يريد إسقاط الوهم، الشعب يريد إسقاط الظلام، الشعب ينادي بصوت واحد كالسيل الهادر و الاسد الكاسر: إرحل...إرحل.....إرحل.....فالشعب لا يريدكم، ولن ينخدع – بعد اليوم – بحيلكم وزيفكم وأكاذيبكم وشعاراتكم المخدرة، لقد انكشف المستور، وخرجت فضائحكم وسرقاتكم وخيانتكم للنور، لقد انتهى زمن الوصاية الجبرية على الشعب القاصر، موعدنا معكم جمعة النصر، وجمعة التأييد، و جمعة الشهداء، وجمعة الممانعة السلمية، وجمعة تصحيح المسار، وجمعة التضامن، وجمعة النصر والبشائر، وجمعة التحذير من الالتفاف الغادر، وجمعة وألف ألف جمعة حتى تفهمون ما يريد الشعب، وترحلون, وتغادرون بلا رجعة – محملين بوزرما سرقتم وإثم ما افسدتم- غير مأسوف عليكم.
هذه طائفة من المصطلحات الشجاعة الجديدة الشريفة التي اضافتها الى قاموسنا البارد، وفرضتها على معاجمنا العربية النائمة والنفعية والمسيسة مدرسة الربيع العربي بجراحها وشهدائها وفدائها وتضحياتها ورصيد تجربتها وتحدياتها.
سنوات طويلة من الاستبداد والقهر والاستعباد سممت فكر هذه الامة المحمدية، وشوهته ومسخته جيلا بعد جيل، وأرضعتهم مفردات الجبن والخور والاستسلام والتبعية، مفردات نسبها البعض – زورا وبهتانا - للاسلام وهدي خير الانام: ليس بالامكان أفضل مما كان، ما بيدنا حيلة، إتسع الخرق على الراتق، اقتربت القيامة، التحذير من تلك الفتنة ونسيان الف فتنة وفتنة، الحوار الراقي والهادىء - بين العاجزين - هو مفتاح الاصلاح الاوحد، بيضة لا تتحدى حجرا، لاتغتروا بنداءات الغرب الكافر حول العدل والمساواة والحرية، إنهم لا يريدون الخير لكم، وهم يكيلون بمكيالين، وانا اشفق عليكم، واكيل لكم الوهن والوهم والذل كيلا لا تطفيف فيه بمكيالي المفتوح من اعلاه وادناه كما تعرفون، لا تسمعوا لهم فهم يحسدونكم، وانا الضمان الوحيد لكم امام الارهاب والعدو الخارجي المتربص الذي لايرحم، تمسكوا بالفكر الداخلي، وحذار..حذار من الفكر الخارجي والعمالة للاجنبي، وهم أدرى وأعلم و أبصر بالغالي والبخس والطهور والنجس، وحالنا – مع سؤه وذله وبؤسه وعاره – أفضل من غيرنا، وكررها الشعب ببلاهة وسذاجة، ولم يتوقف أحد ليسأل غيره أو يسائل نفسه من هذا الغير الذي يقارنون حالنا به؟ و هل يرضى نهج الاسلام الصحيح أن تكون المقارنة مع الادنى والاسوأ، ومن المنتفع بهذه المقارنة المذلة والمخذلة ؟
هذه مقدمة طويلة جدا بعدت عن العنوان، وقصدها التسويق والتشويق وتجييش المشاعر والتمهيد ونقل الحديث الى أمنية عزيزة أظنها - بل أكاد اجزم بانها- تداعب خيال العلماء والعقلاء والحكماء والممانعين السلميين والجرحى والشهداء وابنائهم واراملهم، لا احد يريد هذا العناء او يختاره طوعا، لا احد من الشعب الواعي يختار التعب والشقاء والبرد والاختناق والدموع والبلطجية والشبيحة والخسائر والجهد المضني في الممانعة السلمية، لكن ما الخيارالاخر؟
إن نداء الربيع العربي الذي كاد ان يصبح شعاره المميز: إرحل...إرحل.....إرحل ماهو الا نداء أضطر اليه اضطرارا، قاله بهدوء معاتبا ومناديا، وواصل الشعب النداء لانه لم يكن يعرف – في اول الامر – كل الحقيقة المرة وهي صمم المنادى الاختياري وسمعه الانتقائي وكبره الازلي وباطنه العفن، واصل النداء بصوت أعلى واقوى، ولم ييأس، ونادى بمفردات اخرى وكلمات جديدة وجريئة اخترقت – بعد حين - جدار الصمت و بدأت ملحمة اسقاط اصنام الوهم.
أمنية عزيزة تدغدغ الارواح وتنتشي لها قلوبنا المتعبة، متى يتحول ندائنا بحق ويتغير بصدق؟ متي يغادر قاموسنا بل رجعة هذا النداء المخجل - لهم وليس لنا- : إرحل...إرحل....إرحل؟ متى تصوغ ايات الكتاب و دماء الشهداء وبطولات الميادين نداءا جديدا ولحنا حبيبا؟ لحنا عذبا نديا مباركا يتصل سنده العالي بالسماء، نداءا تتمناه ارواحنا لنقوله شعارا، ونعيشه واقعا، ونعلمه ابنائنا، ونهديه للعالم الحيران: إبق ايها الخليفة المسلم العادل، إبق وأنرالارض بصلاحك واصلاحك، إبق وعلم البشرية عدل الاسلام وجمال الحق، إبق...إبق....إبق.....فالشعب المسلم الواعي يريدك ويريد ابقاء النظام، نظام الاسلام والعدل والحرية والعزة والكرامة والنور وإرادة الخيرللناس وكل الارض، امنية عزيزة نظن اننا بذرنا اول بذورها، وسقيناها بالقليل من دمائنا، امنية غالية، ودعاء ملح، ونداء ننتظر مقدمه, ووعد الله حق، وما ذلك على الله بعزيز.