أكثر الأجزاء الأخيرة في القرآن الكريم تتحدث عن الكون، بل هناك ألفٌ وثلاثمئةِ آية تتحدث عن الكون، ما معنى هذه الآيات ؟ إذا كانت الآيات في الأمر والنهي فتقتضي أن نأتمر وأن ننتهي، وإذا كانت الآيات في الحديث عن الآخرة ومشاهدها ولاسيما أهل الجنة وأهل النار فتقتضي أن نسعى إلى الجنة، وأن نتقي النار ولو بشق تمرة، وإذا كانت الآيات عن الأمم السابقة فتقتضي أن نتعظ، فما حكمة وجود سدس القرآن يتحدث عن الكون ؟ طبعاً من أجل أن نعرف الله، لأن أعظم عبادةٍ على الإطلاق هي عبادة التفكر، والدليل:
﴿ِ إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ ﴾
(سورة آل عمران )
جاء التفكر في صيغة الفعل المضارع الذي يشير إلى الاستمرار:
﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
(سورة آل عمران الآية: 191)
الكون هو الآية الكبرى الأولى الثابتة التي لا يختلف عليها أحد:
إذاً الكون هو الآية الكبرى الأولى الثابتة التي لايختلف عليها اثنان، والتي يقرأها كل إنسان، والكون تحت سمع البشر وبصرهم، الكون يتعاملون معه كل يوم، فلذلك آياته يخضع لها الإنسان قبل أي شيءٍ آخر، هذا الذي دعانا إلى أن نبدأ بالكون كمقوم أول من مقومات التكليف، والآيات الكثيرة تدعو إلى التفكر في خلق السموات والأرض، وتدعو إلى النظر في الكون.