عبدالله بن حُذَافَة
عبدالله بن حُذَافَة (2) (توفي في خلافة عثمان)
عبدالله بن حذافة بن قيس بن عدي، أبو حُذَافة القرشي السَّهْمي، من السابقين الأولين.
قيل شهد بدرا، وكانت فيه دعابة، وهو رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى
__________
(1) أحمد (1/192-193) والبخاري (6/303/3141) ومسلم (3/1372/1752).
(2) طبقات ابن سعد (4/189) والاستيعاب (3/888-891) وأسد الغابة (3/213-214) وتهذيب الكمال (14/411-413) وسير أعلام النبلاء (2/11-16) والإصابة (4/57-59).
كسرى يدعوه إلى الإسلام، وهو القائل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: "من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به، ما دمت في مقامي هذا"، من أبي يا رسول الله؟ قال: أبوك حذافة ... الحديث (1) . وهو الذي بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ينادي في أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب، وهو الذي أسرته الروم في زمن عمر بن الخطاب، فنجاه الله سبحانه وتعالى منهم.
روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه سليمان بن يسار وأبو وائل ومسعود بن الحكم الزرقي وأبو سلمة بن عبدالرحمن. ومناقبه كثيرة رضي الله عنه. قال أبو نعيم: توفي بمصر في خلافة عثمان، ودفن بها.
موقفه من المشركين:
- جاء في السير: عن أبي رافع، قال: وجه عمر جيشا إلى الروم، فأسروا عبدالله بن حذافة، فذهبوا به إلى ملكهم، فقالوا: إن هذا من أصحاب محمد. فقال: هل لك أن تتنصر وأعطيك نصف ملكي؟ قال: لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ما تملك، وجميع ملك العرب، ما رجعت عن دين محمد طرفة عين. قال: إذا أقتلك. قال: أنت وذاك. فأمر به، فصلب، وقال للرماة: ارموه قريبا من بدنه، وهو يعرض عليه،ويأبى، فأنزله. ودعا بقدر، فصب فيها ماء حتى احترقت، ودعا بأسيرين من المسلمين، فأمر بأحدهما،فألقي فيها، وهو يعرض عليه النصرانية، وهو يأبى. ثم بكى. فقيل
__________
(1) أحمد (3/162) والبخاري (13/329/7294) ومسلم (4/1832/2359)(136).
للملك: إنه بكى. فظن أنه قد جزع، فقال: ردوه. ما أبكاك؟ قال: قلت: هي نفس واحدة تلقى الساعة فتذهب، فكنت أشتهي أن يكون بعدد شعري أنفس تلقى في النار في الله.
فقال له الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟
فقال له عبدالله: وعن جميع الأسارى؟ قال: نعم. فقبل رأسه.
وقدم بالأسارى على عمر، فأخبره خبره. فقال عمر: حق على كل مسلم أن يقبل رأس ابن حذافة، وأنا أبدأ. فقبل رأسه. (1)
- وفيها أيضا عن الوليد بن مسلم: حدثنا أبو عمرو، ومالك بن أنس: أن أهل قيسارية أسروا ابن حذافة، فأمر به ملكهم، فجرب بأشياء صبر عليها. ثم جعلوا له في بيت معه الخمر ولحم الخنزير ثلاثا لا يأكل، فاطلعوا عليه، فقالوا للملك: قد انثنى عنقه، فإن أخرجته وإلا مات. فأخرجه، وقال: ما منعك أن تأكل وتشرب؟ قال: أما إن الضرورة كانت قد أحلتها لي، ولكن كرهت أن أشمتك بالإسلام. قال: فقبل رأسي، وأخلي لك مائة أسير. قال: أما هذا، فنعم. فقبل رأسه، فخلى له مائة، وخلى سبيله.
وقد روى ابن عائذ قصة ابن حذافة فقال: حدثنا الوليد بن محمد: أن ابن حذافة أسر. فذكر القصة مطولة، وفيها: أطلق له ثلاث مائة أسير، وأجازه بثلاثين ألف دينار، وثلاثين وصيفة، وثلاثين وصيفا. (2)
__________
(1) السير (2/14).
(2) السير (2/15).